
مع دخول السيارات ذاتية القيادة مرحلة التطبيق الفعلي في عدد من المدن الكبرى أصبح العالم يعيش تحوّلاً غير مسبوق في طريقة التنقل، لكن المفاجأة أن أول مدينة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تخوض هذه التجربة بشكل تجاري حقيقي ليست في أوروبا أو أمريكا، بل في أبوظبي، العاصمة الإماراتية التي أصبحت رمزاً للتقدّم التكنولوجي والابتكار في المنطقة.
سيارات الأجرة ذاتية القيادة تدخل الخدمة فعلياً
بدأت أبوظبي تشغيل أول أسطول من سيارات الأجرة ذاتية القيادة في ديسمبر 2024، من خلال شراكة بين منصة “أوبر” وشركة “WeRide” العالمية المتخصصة في تكنولوجيا القيادة الذاتية.
في البداية، كان المشروع عبارة عن تجربة محدودة في مناطق معينة بالعاصمة، لكن النجاح الكبير والتفاعل الإيجابي من السكان شجّعا السلطات على التوسع بسرعة.
ففي أقل من عام، تضاعف حجم الأسطول ثلاث مرات، ليصل اليوم إلى 44 سيارة ذاتية القيادة تعمل في مواقع استراتيجية تشمل جزر الريم والماريه والسعديات وياس، بالإضافة إلى خطوط تصل حتى مطار زايد الدولي.
هذا التوسع السريع جاء نتيجة تخطيط دقيق واستثمار كبير في البنية التحتية الذكية، وأنظمة المراقبة والسلامة، وتدريب الكوادر المحلية على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
بحسب بيانات مركز النقل المتكامل و”أد موبيليتي”، تم تنفيذ أكثر من 40 ألف رحلة ذاتية القيادة بأمان كامل، وقطع الأسطول أكثر من 600 ألف كيلومتر دون تسجيل أي حوادث.
هذه الأرقام المذهلة لم تأتِ من فراغ، بل تعكس مدى الدقة والتطور في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها هذه المركبات.
الهدف من اعتماد السيارات ذاتية القيادة في أبوظبي لا يقتصر على الراحة أو الرفاهية، بل يمتد إلى تأثيرات اقتصادية وبيئية إيجابية كبيرة.
فمن المتوقع أن تسهم هذه التقنية في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 15%، وتقليل الحوادث المرورية بنسبة 18% بحلول عام 2040.
كما أن هذه السيارات تساهم في تخفيف الازدحام، وتحسين استغلال الطاقة، وتقديم تجربة تنقل أكثر أماناً وسلاسة للسكان والزوار.
إطلع علي: شركة أوبر تستثمر 300 مليون دولار في لوسيد موتورز لتطوير سيارات الأجرة ذاتية القيادة
مستقبل النقل في الإمارات
أكد الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة ورئيس مجلس الأنظمة الذكية ذاتية الحركة، أن الهدف من هذا المشروع لا يقتصر على تشغيل سيارات جديدة، بل هو جزء من رؤية متكاملة لتحويل أبوظبي إلى نموذج عالمي في النقل الذكي والمستدام.
وأوضح أن المجلس يعمل على تسريع وتيرة التحول نحو النقل الذاتي من خلال تطوير التشريعات اللازمة، وضمان التشغيل الآمن والفعّال لجميع المركبات ذاتية القيادة.
كما شدّد على أهمية الاستثمار المستمر في البحث والتطوير، وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أقصى استفادة من هذه الثورة التقنية.
ووفقاً للخطة الاستراتيجية لأبوظبي، من المقرر أن تكون 25% من الرحلات في العاصمة قائمة على النقل الذكي بحلول عام 2040، ما يجعلها واحدة من أكثر المدن تقدّماً في هذا المجال على مستوى العالم.
تعتمد أبوظبي في هذا المجال على فكرة أن التكنولوجيا ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق حياة أفضل وأكثر استدامة.
فالسيارات ذاتية القيادة تستهلك طاقة أقل، وتقلل من الأخطاء البشرية التي تعد السبب الأول في الحوادث المرورية حول العالم.
كما أنها تشكل جزءاً من منظومة النقل الذكي التي تشمل الحافلات الكهربائية والدراجات المشتركة وأنظمة الحجز الرقمية.
إقرأ المزيد: دبي تطلق عصر التاكسي الجوي في 2026 بعد نجاح الرحلة التجريبية الأولى






