العملات الرقمية في 2021 تشهد عاماً مليئ بالأحداث المثيرة
شهدت العملات الرقمية عاماً حافلاً وناجحاً بكل المقاييس، فقد قفزت أسعار بعض العملات الرقمية المشفرة مثل “بتكوين” و”إيثر” وعملات أخرى إلى مستويات جديدة قياسية، تٌعد هي الأعلى في تاريخها، وبدأت مؤسسات وشركات كثيرة تقدم الخدمات والتقارير والأبحاث للقطاع الذي إنجذب إليه عدد كبير من المستثمرين حول العالم.
شهد مجتمع البيتكوين والعملات المشفرة الكثير من التقلبات وكانت أخرها مع إنتهاء هذا الأسبوع حيث نشبت مشادة حادة بشأن تطوير الويب 3، وهي فكرة أن نسخة الإنترنت المستندة إلى التشفير اللامركزي والبلوكتشين يمكن أن تحل محل شبكة الويب 2.0التقليدية التي تركز عليها غالبية شركات وادي السيليكون.
رواج إيلون ماسك للعملات الرقمية
كان الملياردير إيلون ماسك ، الرئيس التنفيذي لشركتى “Tesla” و “SpaceX” شخصية مؤثرة للغاية في مجتمع العملات المشفرة، حيث قام “ماسك” في 8 فبراير الماضي بالإعلان أمام العالم عن أن شركة “تسلا” لصناعة السيارات الكهربائية استثمرت حوالى 1.5 مليار دولار في عملة “بتكوين”، مشيرة إلى نيتها قبول مدفوعات مبيعات سياراتها بالعملة المشفرة أيضاً.
رفع ذلك الإعلان أسعار “بتكوين” إلى رقم قياسي، فزاد سعر البيتكوين من 4000 دولار في مارس/ آذار 2020 إلى أعلى مستوى لها عند 69000 دولار الشهر الماضى،
ومع ذلك، يبدو أن ماسك لا تروق له عملة البيتكوين؛ فعلى مدار الستة أشهر الماضية، قام “ماسك” مرارًا وتكرارًا بتسليط الضوء علي عملة “Dogecoin” من خلال التعبير بشكل روتيني عن دعمه لعملة الـ “meme”، مما أدى إلى زيادة سعر عملة “DOGE” بسرعة كبيرة، وأشار إيلون ماسك بأن عملة Bitcoin تحتاج إلى متطلبات عالية من الطاقة مما سيؤثر على المناخ العالمى.
اكد ماسك هذا العام مرارًا وتكرارًا دعمه لعملة “دوجيكوين” على حساب “البيتكوين” والعملات المشفرة الأخرى، قائلًا: “إنه إذا كان بوسعها تسريع أوقات المعاملات وكذلك تقليل الرسوم، فستكون قادرة على التغلب على عملة البيتكوين. كما أيَّد رئيس تيسلا التنفيذى خطة من شأنها أن تدعم عمل عملة “دوجيكوين” مع “إيثريوم” لتمكين المعاملات بشكل أسهل وأسرع.
أثبت ماسك قدرته على تحريك أسعار العملات المشفرة، وإن لم يكن في كل مرة ينشر تغريدة على منصة “تويتر”، بل في أغلب الأحيان حقيقةً أنه يستطيع ذلك، ولا تعني بالضرورة أن العملات المشفرة فئة قوية من الأصول.
هل تصبح عملات “الميم” قوة حقيقية
تأسَّسَت العملة المشفرة “دوج كوين” (Dogecoin) في عام 2013 وكانت على سبيل الدعابة بهيئة كلب من نوع “شيبا إينو” على عملة رقمية واستمرت هكذا على هامش السوق إلى حد كبير، حتى جاء عام 2021.
وقد ساعد على ارتفاعها تغريدات إيلون ماسك على منصة “تويتر” إلى حد كبير، حتى أصبحت “دوج كوين” مرتفعة بنسبة حوالى 5000% في الأشهر الاثني عشر الماضية، الفترة التي تخلّلها أيضاً عدد كبير من التقلبات،
لم تكن هى العملة وحدها في ذلك، فقد أصبحت عملات الميم رائجة كثيرًا في عام 2021، وتتصدرها عملات مثل عملة “دوج كوين” وأخرى مثل “شيبا إينو”، التي تجاوزت “دوج كوين” لفترة قصيرة من حيث القيمة السوقية، وتتقدم الآن بقوة هي الأخرى.
تُعتبر عملات الميم التي يجري تداول معظمها مقابل أقل من بنس واحد مصدراً من مصادر الجاذبية وموضوعاً مهمًا على الساحة، إلا أنها كانت هدفاً سهلاً بالنسبة إلى أولئك الذين يتشككون في العملات المشفرة، إذ إنّ كثيراً منها بمثابة أدوات للاحتيال في تداولات غير مشروعة بدليل عندما تقوم بالبحث عن عملة بإسم “فلوكي” (Floki)، وهو اسم كلب السيد “إيلون ماسك”، على منصة “CoinGecko” الشهيرة، ستظهر أمامك أكثر من 6 خيارات.
بعض عملات الميم لم يكن التعامل عليها مربحاً لمن قرروا الإستثمار فيها. والدليل على ذلك عملة مثل “سكويد غايم” (Squid Game) والتي لا علاقة لها بالمسلسل الرائع، والتي قامت بفرض قيود على الانسحاب منها ثم ما لبثت أن هبط سعرها من آلاف الدولارات للوحدة الواحدة إلى صفر تقريباً وتم ذلك بطريقة مفاجئة.
في الوقت ذاته، حقق بعض هذه العملات خصوصًا عملة “دوج كوين”، وكذلك “شيبا إينو” تطوراً مذهلاً لتصبح عملات رسمية موثوق فيها وآمنة، وتحوَّلَت فعلاً إلى وسائل دفع بالنسبة إلى بعض السلع مثل شراء سيارة كهربائية من شركة “تيسلا” وتذاكر الأفلام في سينما “إيه إم سي”، ومنتجات من متاجر مثل “هيوستن روكتس”.
تنظر الحكومات في مختلف أنحاء العالم في ظاهرة الرموز المشفرة من “العملات المستقرة” حيث شهدت الرموز المشفرة زيادة في الفحص الرقابي هذا العام في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفي بلدان أخرى، على الرغم من ارتفاع أسعارها واكتساب هذا النوع من الأصول أهمية أكبر بصورة منتظمة،
لكنها قد وصلت إلى النقطة التي تجد فيها الحكومات نفسها عاجزة عن تجاهل الأصول الرقمية، في ضوء نموها المتزَايد ودورها في الأنشطة غير القانونية والسرية مثل مدفوعات برامج الفدية، لاسيما عمليات الاحتيال والانسحاب المفاجِئ للعملات، باعتبارها مخاطر تواجه من سَيقبلُون على الدخول فى هذا المجال، مما أدى إلى قيام دول مثل “الولايات المتحدة” و”أستراليا” و”البرازيل” و”الهند” و”تايلاند” بالتفكير ملياً في كيفية مقاربة السياسة العامة في هذا المجال الذى يتسم بسرعة النمو والتغير.
الجيل الثالث للويب Web3
ارتفعت عملة “إيثيريوم” المشفَرة، مدعومة بالضجة المثارة حول قدرتها على تشغيل شبكة الويب 3 الوليدة الذي يعرف بطريقة غامضة بأنها ستصبح الجيل القادم للإنترنت، إذ يفترض أن تمتلك مجتمعات المستخدمين الخدمات وتديرها بنفسها، وفى ظل المشادة الحادة حول الرموز غير القابلة للاستبدال المستندة إلى “الإيثيريوم”،حيث قفزت هى الأخرى بمعدل أسرع من “البيتكوين”، على خلفية اندفاع شركات رأس المال المغامر والمستثمرين لتمويل المشاريع القائمة على “الإيثيريوم”.
يُعَدّ تطوير لندن بالنسبة إلى شبكة “إيثيريوم” في أوائل شهر أغسطس الماضي جزءاً من سلسلة تعديلات على نظام “Blockchain” والذى بدوره يغير هيكلها تغييراً كبيراً، على سبيل المثال تغيير نموذج عمل النظام الذي ينشئ ويقر سجلاً في سلسلة “بلوكتشين” من أسلوب “إثبات العمل” إلى أسلوب “إثبات الحصص”، بهدف تسريع عمل الشبكة وجعلها أقل كثافة في استهلاك الطاقة وأرخص تكلفة في استخدامها.
التطوير الذى تشهده عملة “إيثيريوم” لم ينتهِ بعد. فما زلنا ننتظر رؤية النتائج القادمة، وما إذا كانت ستظل محافظةٍ على صدارة العملات المشفرة القديمة والأكثر ثباتًا على العملات الأحدث والأكثر تعطشاً، مثل “Solana” و”Avalanche”، التي تزعم أنها تقدم تجربة أسرع وأفضل وأقل تكلفة.
كذلك فإنّ تحديث نظام التشفير (Taproot) الخاص بعملة “بتكوين” في منتصف نوفمبر الماضي أضاف بعض التغييرات الجديدة، وتُظهر هذه التغييرات أن أكبر العملات المشفرة تحاول أيضاً تحسين الأداء وتغير من أسلوبها بين الحين والآخر.
انتقد دورسي الذي ترك منصب المدير التنفيذى لشركة “تويتر” لبدء العمل بدوام كامل في شركة المدفوعات “Block”، بشدة هذا الأسبوع ما يراه على أنه تطوير web3 بقيادة المستثمرين والذي أسس إلى حد كبير على إيثيريوم وشبكات البلوكتشين الأخرى المدعومة من شركات رأس المال المغامر، قائلا: “إنني أهتم فقط بالمؤسسات اللامركزية والآمنة والخاصة دون نقطة فشل واحدة”، فى إشارة إلى أن البيتكوين هي العملة المشفرة أو نظام البلوكتشين الوحيد التي تتيح ذلك.
وأضـاف دورسي سابقًا: “أنا لست ضد الإيثيريوم. أنا مناهض للأكاذيب المركزية، المملوكة لرؤوس الأموال المغامرة، فإذا كان هدفك هو مناهضة المؤسسة، فأعدك بأنها ليست إيثريوم، لا تصدقني أو تثق بي .. فقط انظر إلى الأساسيات”.
واشتبك دورسي مع مستثمرين مؤثرين ومشهورين في مجال تداول العملات الرقمية هذا الأسبوع، مثل “بالاجي سرينيفاسان”، الشريك العام في شركة رأس المال المغامر “Andreessen Horowitz”، وكان يعمل كبير مسؤولي التكنولوجيا سابقًا في منصة “Coinbase” الشهيرة.
ورد دورسي بتغريدة على منصة تويتر قائلاً فيها: “لقد تم حَظرِى رسميًا من استخدام الويب 3″، مضيفًا لقطة شاشة لحسابه الذي تم حظره بواسطة المؤسس المشارك لــ”Andreessen Horowitz”.
كان دورسي مؤمنًا بعملة البيتكوين لعدة سنوات سابقة، وغالبًا ما تحدث عن نمو وتوسع البيتكوين في المقابلات وطرح الخدمات القائمة على الدفع عن طريق البيتكوين في كل من “تويتر” و”Square”، حيث أكد “دورسي” في مؤتمر “ميامي بيتكوين” في يونيو/ حزيران: “لو لم أكن في Square أو Twitter، كنت سأعمل على Bitcoin”.
أبرز أحداث العملات الرقمية فى عام 2021
- بداية الأحداث كانت عندما قام “ايلون ماسك” المؤسس لشركة “تسلا” في يوم 8 فبراير الماضي بالإعلان عن أن شركته المتخصصة فى صناعة السيارات الكهربائية استثمرت حوالى 1.5 مليار دولار في عملة “بتكوين”، وأضاف إلى دعم الشركة لقبول المدفوعات الخاصة بمبيعات سياراتها القادمة بالعملة المشفرة “بيتكوين”.
رفع ذلك الإعلان أسعار “Bitcoin” إلى مستوى جديد، حيث زاد سعر الوحدة من 4 ألاف دولار في مارس/ آذار عام 2020 إلى أعلى مستوى مشهود لها عند 69 ألف دولار.
- إنهارت أسعار عملة “بتكوين” بما يزيد على 30% ثم صعودها مرة أخرى بما يزيد على 30% كان ذلك فى يوم 19 مايو الماضي، ثم أشعلت صدمة “ماسك” لمجتمع العملات المشفرة قبلها ببضعة أيام، عندما قال “إنّ شركة “تسلا” لن تقبل عملة “بتكوين” وسيلة دفع بسبب القلق المتزايد بشأن استهلاك العملة للطاقة، علاوة على تضييق الخناق عليها في الصين بعد أن أطلق البنك المركزي الصيني تحذيراً على موقعه الإلكتروني بشأن مخاطر العملات الافتراضية وعمليات التعدين.
على أثر ذلك تَعرَّضت العملات المشفرة الأخرى لسيناريوهات مشابهة مع حدوث تصفية سريعة وتعطّلت منصات تداولها فى البورصات مثل “Coinbase” و “Binance”، فيما احتاجت “بتكوين” إلى شهرين حتى تتعافى من هذه الأزمة.
- خاطب رئيس السلفادور “نجيب بُقيلة” الشاب المثير للجدل، الجمهور في “مؤتمر بتكوين 2021” الذي عُقد في ميامي في أوائل شهر يونيو الماضى، قائلاً: “إنه يعتزم أن يجعل أكبر عملة مشفرة عملة قانونية في بلاده”، فيما بعد أيام قليلة فقط وافق “كونغرس السلفادور” على قرار بأغلبية كاسحة بتبني “بتكوين” عملة رسمية بالبلاد، وبعدها بثلاثة أشهر دخلت الخطة حيز التنفيذ، والآن يقوم الرئيس “ُقيلة” بالترويج لإمكانية بيع “سندات مشفرة مرتبطة بعملة “بتكوين”.
سرّعت خطوة السلفادور من محاولة تبني العملات المشفرة رسمياً في بلاد أخرى، كما دعم هذه الفكرة أيضاً رئيس وزراء الهند “ناريندرا مودي” على حساب “تويتر” الخاص به، ومن ناحية أخرى تدرس حكومات عديدة، وقليل منها بدأ فعلاً في طرح عملات رقمية صادرة عن البنوك المركزية.
- وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في أكتوبر الماضي على صندوق المؤشرات “بروشيرز بتكوين استراتيجي” المتداول بإسم “ProShares Bitcoin Strategy” والمتخصص فى تتبع حركة العقود الآجلة على العملة الرقمية في مبادرة مقصودة تواكباً مع صعود أوّلي في الطلب.
ساعد هذا الحماس الذي نتج عن هذا الحدث في دفع سعر “بتكوين” إلى رقم قياسي جديد حيث بلغ قرابة الــ 69 ألف دولار للوحدة الواحدة، مع إثبات فكرة أنه يجعل العملة المشفرة آمنة ومتاحة أكثر أمام المستثمرين الأفراد والشركات، ومن المُرجح أن تواصل آلية الاستثمار في الأصول الرقمية نموها في العام الجديد.
تعليق واحد