القمح يرتفع لأعلى مستوى له في شهرين مع تصاعد أزمة أوكرانيا
قفزت أسعار القمح إلى أعلى مستوى لها في شهرين على أِثَّر العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا، وتجديد المخاوف حيال الشحنات المستقبلية للحبوب القادمة من أوروبا الشرقية.
حيث حذرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية من وقوع أزمة غذائية حول العالم، خاصة في قارتي أفريقيا وآسيا، كأحد تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
كما حذر متحدث بإسم “الكرملين” في وقت سابق من أنَّ التحرك الأمريكي لوضع ما يصل إلى 8500 جندي في حالة تأهب “يؤدي إلى تفاقم التوترات”.
وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها، إنَّ روسيا قد تستعد لعمل عسكري ضد أوكرانيا برغم نفي موسكو اعتزامها الغزو، وتُمثل روسيا وأوكرانيا سوياً ما يقرب من ثلث شحنات القمح والشعير العالمية.
وقال “جاك سكوفيل”، نائب رئيس “برايس فيوتشرزغروب” في شيكاغو عبر البريد الإلكتروني الخاص به، “إنَّ “فرصة عدم تصدير القمح من كلا البلدين في حال اندلاع الحرب سترفع الأسعار”.
حيث إن أوكرانيا تمتلك أكثر الأراضي خصوبة على وجه الأرض، عُرفت باسم سلة غذاء أوروبا لعدة قرون، وتشكل صادراتها الزراعية السريعة النمو، مثل الحبوب والزيوت النباتية ومجموعة من المنتجات الأخرى، عاملا رئيسيا في إطعام السكان في أفريقيا وآسيا.
وأن جزءًا كبيرًا من أكثر الأراضي الزراعية إنتاجية في أوكرانيا يقع في مناطقها الشرقية، وهي المناطق الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل،
وبينما تتجمع غيوم الحرب على طول حدود أوكرانيا، فإن أحد المخاوف التي لم يلاحظها أحد نسبيًا هو السؤال عما يحدث لهذه المناطق، وهو ماذا سيحدث لدول العالم التي تعتمد على أوكرانيا للحصول على الغذاء في حالة الهجوم الروسي.
وتعتمد أوكرانيا على تصدير الذرة والشعير والجاودار، لكن القمح هو صاحب التأثير الأكبر على الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، ففي 2020 صدرت أوكرانيا نحو 18 مليون طن من إجمالي 24 مليون طن ما يجعلها خامس مصدر للقمح على مستوى العالم.
وتضم قائمة عملائها الصين والاتحاد الأوروبي، لكن العالم النامي يشكل أهم مصدر لواردات القمح الأوكرانية.
ووفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، على سبيل المثال، جاء نحو نصف القمح المستهلك في لبنان عام 2020 من أوكرانيا.
وتشير المجلة إلى أن من بين 14 دولة تعتمد على الواردات الأوكرانية في أكثر من 10 في المائة من استهلاكها من القمح، ويواجه عدد كبير منها بالفعل انعدام الأمن الغذائي بسبب عدم الإستقرار السياسي المستمر أو العنف المباشر.
مثل اليمن وليبيا ,حيث تستورد اليمن 22 في المائة، وليبيا و43 في المائة من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا.
ووفقًا لبيانات الفاو، قدمت أوكرانيا أيضًا 28 بالمائة من إستهلاك القمح في ماليزيا، و 28 بالمائة من الإستهلاك في إندونيسيا، و21 بالمائة من إستهلاك القمح البنغلاديشي في عام 2020.
تأثير أزمة القمح علي إيطاليا
قال إتحاد إيطالي إن أزمة أوكرانيا مع خطر حدوث غزو روسي لها، تسبب بارتفاع الأسعار العالمية للقمح بنحو 10% في أسبوع واحد فقط، مع توترات في السوق الغذائية وخطر وقوع مجاعة.
هذا ما أظهره تحليل لاتحاد الزراعيين الإيطاليين (كولديريتّي) لاتجاه الأسعار في مجلس شيكاغو للتجارة، وهو نقطة مرجعية عالمية للمواد الخام الزراعية، في إشارة إلى لقاء الزعيم الروسي فلاديمير بوتين مع الفاعلين الاقتصاديين الإيطاليين الرئيسيين النشطين في البلاد، في قطاع البنوك والطاقة والمعكرونة.
أوضح (كولديريتي) أن “روسيا على وجه الخصوص، هي المصدر الرئيسي للقمح في العالم بينما تحتل أوكرانيا المركز الثالث، ومع القلق من أن التوترات بين البلدين قد تؤدي إلى منع وصول الشحنات من موانئ البحر الأسود مع انهيار التوافر في الأسواق العالمية، ارتفعت قوائم الأسعار لتبلغ بالفعل أعلى مستوياتها على الإطلاق مع تأثيرها على التضخم”.
وذكر اتحاد الزراعيين إنها “حالة طوارئ عالمية تؤثر بشكل مباشر على إيطاليا التي تعاني من عجز وتستورد حتى 64% من احتياجاتها من القمح لإنتاج الخبز والبسكويت، وفي عام 2021 استوردت أكثر من 120 مليون كيلوغرام من القمح من أوكرانيا وحوالي 100 مليون كيلوغرام من القمح من روسيا”.
وأضاف اتحاد الزراعيين أن “روسيا أعلنت، علاوة على ذلك، أنها ستحد من صادراتها من القمح في الفترة من 15 شباط/فبراير إلى 30 حزيران/يونيو المقبل لذلك تمتد حالة الطوارئ في أوروبا من الغاز إلى المنتجات الزراعية مع أسعار الحبوب التي وصلت العام الماضي
وفقًا لأحدث بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، إلى أعلى مستوى سنوي في عام 2021 في السنوات العشر الماضية، بمتوسط زيادة 27.2% مقارنة بـ2020 بزيادات تتراوح من 44.1 % للذرة إلى 31.3% للقمح”.
وذكر الاتحاد أن “أوكرانيا بالإضافة إلى أن امتلاكها احتياطي طاقة للغاز، تلعب أيضًا دورًا مهمًا على الصعيد الزراعي مع إنتاج حوالي 36 مليون طن من الذرة لتغذية الحيوانات (المرتبة الخامسة في العالم) و25 مليون طن من القمح اللين لإنتاج الخبز”، وهو المركز السابع عالمياً.
وخلص (كولديريتّي) الى القول إنه “في الواقع، مع جائحة كوفيد 19، انفتح سيناريو الاكتناز والمضاربة، وعدم اليقين بسبب تأثيرات تغير المناخ، مما دفع سباق الدول الفردية إلى السلع الأساسية لضمان تغذية السكان”.
الجفاف يُهدّد المحصول الأمريكي
يُؤدي تدهور ظروف زراعة المحاصيل الأمريكية كذلك إلى ارتفاع العقود الآجلة للقمح.
حيث أعلَّنت وزارة الزراعة الأمريكية يوم الإثنين الماضي، عن انخفاض ظروف المحصول الشتوي في ولايات النمو الرئيسية، مثل كانساس مقارنة بالأسابيع القليلة الماضية، وصَرح “سكوفيل” قائلاً: “ما يزال الجو جافاً في السهول الكبرى الغربية، ولا توجد علامة مريحة حقيقية في الأفق”.
وقفز القمح القياسي الأكثر نشاطاً بنسبة 3.5% إلى 8.2875 دولاراً للبوشل في تمام الساعة 11:31 صباحاً بتوقيت شيكاغو، في أعلى سعر له منذ أواخر نوفمبر الماضى.
فيما سجلت العقود الآجلة للقمح الشتوي الأحمر الصلب أعلى مستوياتها في أربعة أسابيع، جنباً إلى جنب مع ارتفاع فول الصويا والذرة.
وبحسب “فورين بوليسي” يأتي جزء كبير من إنتاج القمح الأوكراني في شرق البلاد، وتحديدا أقاليم خاركيف ودنيبروبتروفسك وزابوريزهيا وخيرسون، الواقعة غرب دونيتسك ولوهانسك، التي تحتلها بالفعل القوات الانفصالية المدعومة من موسكو، والقوات الروسية نفسها.
مما يؤدي إلى التحذير من أنه إذا تحول هجوم محتمل على أوكرانيا إلى استيلاء روسي على الأراضي، فقد يعني ذلك إنخفاضات حادة في إنتاج القمح وصادراته، حيث سيفر المزارعون تاركين البنية التحتية والمعدات للدمار ما يتسبب في شلل اقتصاد المنطقة.
كما سيتفاقم إنعدام الأمن الغذائي في العديد من البلدان النامية التي تعتمد على أوكرانيا في قوتها، وقد يؤدي ذلك إلى اشتعال الصراع وزيادة التوترات العرقية وزعزعة استقرار الحكومات، وامتداد العنف عبر الحدود.
3 تعليقات