اقتصاد
أخر الأخبار

مضيق هرمز: الشريان الحيوي للطاقة العالمية

مضيق هرمز
صورة توضح موقع مضيق هرمز علي الخريطة

بمجرد سماع عبارة “مضيق هرمز” Strait of Hormuz تتبادر إلى الأذهان نفط، شحن بحري، توترات إقليمية، وخوف من أي صراع محتمل.

هذا الممر الضيق بين إيران وسلطنة عمان لا يقتصر دوره على كونه نقطة عبور فقط، بل يشكّل شريان حياة للاقتصاد العالمي، إذ يجري عبره يومياً نحو خمس صادرات النفط العالمية؛ ما يجعله بمثابة “حنفية الطاقة” التي إن أغلقها يوم واحد، قد يتزعزع الاقتصاد العالمي.

ما سر أهمية موقع مضيق هرمز الجغرافي؟

يقع المضيق عند ملتقى الخليج العربي وخليج عمان، معلمًّا حدودًا طبيعية بين إيران شمالًا وسلطنة عمان جنوبًا.

وهو البوابة البحرية الرئيسية لطاقة الخليج، بسبب اعتماده شبه الكامل عليها لتصدير النفط والغاز، ممّا يجعل هرمة هذا الممر ذات بعد استراتيجي لا يُضاهى.

عرض المضيق في أضيق نقاطه لا يتجاوز 33 كم، وتقطع الحركة خلفه ممرات ملاحية ضيقة عرض كل منها نحو 3 كم.

هذه الخصائص تجعله عرضة للتعطيل السريع مقارنة بممرات بحرية أكبر، وتضعه في قلب الأزمات الدولية.

هل مضيق هرمز يسيطر على توازن الملاحة العالمية؟

نعم. المرور الآمن عبر مضيق هرمز يعني تدفّق النفط الخام والمنتجات البترولية من الشرق الأوسط إلى بقية العالم.

فيما يتحكم الخليج بثلثي إنتاج الغاز، خاصة من قطر، التي تشحن الغاز الطبيعي المسال عبر هذا الممر.

أي اضطراب في المرور يؤدي مباشرة إلى اختناق أسواق الطاقة وارتفاع أسعار النفط.

الاقتصاد العالمي ومضيق هرمز: علاقة عضوية لا ينقطع نبضها

تمثّل مضيق هرمز عمودًا أساسيًا في شبكة الطاقة الدولية؛ حيث يمر عبره نحو 21 مليون برميل يوميًا، ما يعادل نحو 20% من استهلاك العالم.

حين يتعرض المرور لأي أزمة، تنهار صادرات النفط الخليجية، محدثة تداعيات اقتصادية خطيرة على مستوى العالم.

أما الغاز الطبيعي المسال، فيبلغ من الحجم ما يزيد على 100 مليار متر مكعب سنويًا، معظمها من قطر، فضلًا عن الملاحة التجارية والمشتقات البترولية التي تعبره بانتظام.

التوترات الجيوسياسية ومواجهات النفوذ في مضيق هرمز

إيران: النفوذ والورقة الاستراتيجية

تنظر إيران إلى مضيق هرمز كجزء من سيادتها الاستراتيجية، وغالبًا ما تستخدم تهديدات الإغلاق وسيلة ضغط في النزاعات الدولية، خاصة خلال تصعيد العقوبات.

وترافق ذلك بتحركات عسكرية مثل زرع ألغام بحرية أو احتجاز ناقلات، خاصة عبر قوات الحرس الثوري.

الولايات المتحدة والدول الغربية: ضمان حرية الملاحة

من جانبها، تؤكد واشنطن وحلفاؤها أن حرية المرور عبر مضيق هرمز خط أحمر لا يمكن التنازل عنه.

وتعتمد في ذلك على تواجد الأسطول الأمريكي/الخامس، وكذلك تحالفات بحرية دولية تعمل على تأمين الممر ومنع أي عمليه عدائية أو قرصنة بحرية.

التهديدات المؤثّرة على أسواق النفط

القفزات السعرية عند أي تصعيد

تُظهر تجارب السوق أن مجرد تفكير في غلق Strait of Hormuz يتسبب فوراً في ارتفاع غير مسبوق بأسعار النفط، سواء بسبب قلق حقيقي أو إشاعة انتشرت.

وخلال هذه التهديدات، تتجه شركات الشحن إلى رفع أسعار التأمين على السفن العابرة، ما ينعكس على الأسعار في الأسواق العالمية.

تأثير مباشر على آسيا وأوروبا

تعتمد دول مثل الصين، الهند، واليابان اعتمادًا كبيرًا على نفط الخليج. فحتى القفزات الطفيفة في الأسعار بسبب مضيق هرمز تُثقل كاهل اقتصاداتها، وتزيد من تكلفة الطاقة في أوروبا أيضًا، ما يؤثر على ميزانيات المستهلكين والصناعات.

أمن مضيق هرمز: هل هو قابل للضمان؟

الأمن البحري للمنطقة مسؤولية دولية مشتركة، لكن رغم التواجد العسكري المكثف، تبقى هشّاشة المضيق مستمرة.

أي تصعيد أو انزلاق عسكري قد يؤدي إلى مواجهة أوسع.

وللتعامل مع ذلك، ثمة حاجة لتكثيف العمل الدبلوماسي، تأسيس آليات مشتركة دولية، وتفعيل دور الأمم المتحدة والمؤسسات البحرية لضبطها ضمن إطار القانون الدولي.

البدائل الممكنة… بين النظرية والواقع

خط أنابيب شرق–غرب السعودي

تم تصميم خط الأنابيب السعودي عبر أراضي المملكة وصولًا إلى البحر الأحمر لتفادي مضيق هرمز.

لكنه للأسف يغطي فقط احتياجات الصادرات السعودية ولا يعوض عن الدور الحيوي للمضيق لباقي دول الخليج.

إطلع علي: الاقتصاد السعودي ينمو 3.4% في الربع الأول بفضل الأنشطة غير النفطية

قناة السويس: بديل محدود وليس حلًا شاملاً

رغم أهميتها كطريق بحري، إلا أنها تبقى أطول وأغلى من مسار الخليج، والقيود النوعية لبعض السفن العملاقة قد تمنعها من المرور، وبالتالي تظل قناة السويس خيارًا مكملًا فقط.

مستقبل مضيق هرمز: ما السيناريو الأقرب؟

سيناريو التصعيد العسكري

يتنذر هذا الاحتمال بتوتّر جديد بين إيران والغرب، أو تصاعد عقوبات، مما قد يؤدي لإغلاق أو ضرب المضيق، وتأثير كارثي محتمل على الاقتصاد العالمي.

سيناريو التهدئة والتفاوض

يسعى هذا السيناريو للدخول في مفاوضات دبلوماسية، وتأسيس آليات تعاون إقليمي بما يضمن مرورًا حرًا وآمنًا، ويرتب للاقتصاد العالمي استقرارًا أكثر في أسعار الطاقة.

كلا السيناريوهين يرتبط بمدى التنسيق الدولي وقوة الأطراف المعنية في تجنّب الفوضى.

الخاتمة: مضيق هرمز، قنطرة للسلام أم ساحة للصراع؟

لم يعد مضيق هرمز مجرد ممرٍّ جغرافي، بل أصبح رمزًا يكشف وضعية الاستقرار الدولي.

ما يحدث فيه يتردّد في شوارع نيويورك وتوكيو، ويؤثر مباشرة على دول نامية.

والمفارقة؟ أن هذه النقطة الضيقة تُشكّل اختبارًا للمنظومة الدولية في قدرتها على حماية الاقتصاد العالمي عبر التعاون والحكمة.

هل سيتحول يومًا لمكان تلتقي فيه الأيدي بدل أن تصطدم؟ الزمن وحده كفيل بالكشف.

إقرأ أيضا: منظمة أوبك تتوقع نمو الاقتصاد العالمي في ظل الاضطرابات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى