الفيدرالي الأمريكي يقرر رفع سعر الفائدة بمقدار 0.5% وسط القلق حيال التضخم المتزايد
تترقب أسواق المال حول العالم قرار مجلس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي النهائي، برفع معدلات سعر الفائدة، في الوقت الذي تشير أغلب التوقعات إلى إمكانية رفعها بـ 50 نقطة أساس بما يعادل 0.5%، بهدف السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، كما قال “باول” في مؤتمر صحفي عقب إجتماع السياسة النقدية، وإن الإحتياطي الفيدرالي لا يدرس بشكل نشط فكرة رفع معدل سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع واحد.
حيث أنه من الواضح أن ترفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة بمقدار “نصف نقطة مئوية” (0.5%)، في ختام إجتماع السياسة الذي يستمر يومين، وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، وأن تعلن عن خطط لتقليص حجم ميزانيتها العمومية المتضخمة البالغة 8.9 تريليون دولار.
اقرأ أيضًا: رئيس الاحتياطي الفيدرالي يتوقع زيادة معدل الفائدة بمقدار 0.5% في مايو
التضخم في الولايات المتحدة أحد اسباب رفع سعر الفائدة
يصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ ديسمبر 1981 في الولايات المتحدة ،حيث سجل مزيداً من التسارع خلال مارس هذا العام، وذلك بسبب أسعار الوقود التي إرتفعت بشدة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وإرتفعت كذلك الأسعار بنسبة 8.5% على مدى 12 شهرا حتى مارس الماضي، و1.2% على مدى شهر واحد، وفق مؤشر أسعار المستهلك؛ وهو ما أدى إلى إتخاذ إجراء رفع معدل سعر الفائدة.
اقرأ أيضًا: البنك الفيدرالي الأمريكي يتخذ العديد من الإحتياطات عقب زيادة التضخم
إجراءات البنك المركزي الأمريكي
أشار”جيروم باول” رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإعلان عن أكثر إجراءات البنك المركزي الأمريكي جرأة لمكافحة التضخم منذ عقود، لكن المستثمرين سيركزون على تحليل تصريحاته للوقوف على ما إذا كانت هناك خطوات أكبر في المستقبل.
من المناسب لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن “يتحرك بسرعة أكبر قليلاً” وسط ارتفاع التضخم والظروف النقدية التيسيرية”، وفقا لما صَرّح به رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في حلقة نقاشية خلال اجتماعات الربيع لعام 2022 لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في 21 أبريل، بعد الإعلان عن بيانات التضخم بأسبوع واحد.
وقال باول “بالتأكيد نتخذ هذه القرارات في الإجتماع ونقوم بصياغتها خلال إجتماع تلو الآخر، لكنني أود القول إن 50 نقطة أساس (رفع سعر الفائدة) ستكون مطروحة على الطاولة لاجتماع مايو”، مختتما التوقعات برفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لإجتماع مايو.
قال باول “إنه سيحتفظ بجميع الخيارات مطروحة على الطاولة، مع التأكيد على أن أي تحركات ستعتمد على البيانات الواردة”، وذلك خلال استجواب سابق.
وفي منتصف شهر مارس، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالية برفع سعر الفائدة القياسي بمقدار “ربع نقطة مئوية” إلى نطاق يتراوح بين 0.25 % و0.5 % من الصفر تقريبًا وسط إستمرار إرتفاع التضخم، وكان هذا أول رفع لسعر الفائدة منذ عام 2018، وخطوة رئيسية في الخروج من السياسة النقدية الفضفاضة للغاية التي تم سنها في بداية الجائحة.
منذ إجتماع السياسات الذي عُقد في مارس، أشارت سلسلة من التعليقات الصادرة وقتها عن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى أن الحاجة الملحة لرفع أسعار الفائدة آخذة في الازدياد، وأن البنك المركزي مستعد لإتخاذ إجراءات أكثر تشدّداً في المستقبل.
ووفقا لمحضر الإجتماع المعني بالسياسات لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر مارس والذي صدر الشهر الماضي، أشار العديد من المشاركين إلى أن زيادة واحدة أو أكثر بمقدار 50 نقطة أساس في النطاق المستهدف قد تكون “ملائمة” في الاجتماعات المستقبلية، خاصة إذا ظلت ضغوط التضخم مرتفعة أو مكثفة.
تعد الزيادة في سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس هي الأكبر منذ فترة ولاية رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق “ألان غرينسبان”.
أضف إلى ذلك تأثير تقلص الميزانية العمومية وحجم التحول في السياسة النقدية الذي يستدعي إلى الذاكرة الإجراءات التي إتخذها سلفه “بول فولكر” خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ما يعكس شعور محافظي البنك المركزي بالحاجة الملحّة لخفض التضخم الذي يشهد أعلى مستوى له في أربعة عقود.
اقرأ أيضًا: سعر الدولار يرتفع اليوم مدعوماً بتصريحات الاحتياطي الفيدرالي بشأن التضخم
خفض الميزانية الفيدرالية العمومية
كشف المحضر أيضًا أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في خفض حجم ميزانيته العمومية في أقرب وقت ممكن في مايو، حيث أشار المسؤولون إلى دعمهم لسقف شهري قدره 95 مليار دولار أمريكي، وهي وتيرة تراجع في حيازات الأوراق المالية أسرع بكثير مقارنة بفترة 2017-2019.
وفي الوقت الذي يحاول فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الحد من التضخم المرتفع من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع، فإن خطر حدوث ركود اقتصادي آخذ في الإزدياد.
قالت “إيلين غاسكي”، الخبيرة الإقتصادية في “بي جي آي إم فيكسد إنكم” (PGIM Fixed Income): “نحن نعلم أنهم يسعون إلى تركيز عملية التشديد في البداية. فهم يسعون لمواكبة الواقع ويحاولون إستباق أي تأكيد لتوقعات التضخم. والسؤال الحقيقي يدور حول مدى إرتفاع معدل سعر فائدة التمويل الفيدرالية الذي لابد أن يحدث لتخفيف قدر من الفوضى التي نشهدها “.
كما صرَّح “روبرتو بيرلي”، رئيس أبحاث سياسة الفائدة العالمية في “بايبر ساندلر” (Piper Sandler & Co)، إنه على الرغم من ذلك فإن الإحتمالات منخفضة لحدوث مفاجأة. وأضاف أنه نظراً لأن تحركات يوم الأربعاء الماضي تم إيصالها بشكل جيد، فإن تركيز المستثمرين على مسار الفائدة سيتحوّل إلى المؤتمر الصحفي الذي سيعقده باول.
وأوضح بيرلي: “سيركّز الناس على اللهجة التي سيتحدث بها “باول”، ومن المحتمل أن يظل متشدّداً إلى حدٍ ما، ولا نستبعد أي شيء“.
قالت المحافظة “لايل برينارد” التي صدّق مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخراً على تعيينها في منصب نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إن التخفيضات قد تأتي في وقت أقربه يونيو. ويتوقع معظم الإقتصاديين أن تبدأ جولة الإعادة في مايو، مع تخفيضات قدرها 20 مليار دولار في سندات الخزانة و15 مليار دولار في السندات المدعومة بالرهن العقاري، لتصل إلى الحدّ الأقصى على مدى ثلاثة أشهر، وفقاً لمسح أجرته “بلومبرغ”.
اقرأ أيضًا: تراجع أسعار السندات الامريكية وسط ترقب زيادة أسعار الفائدة
كما قالت “ديان سونك”، كبيرة الاقتصاديين في “غرانت ثورنتون” (Grant Thornton LLP)، إن تأجيل التنفيذ الكامل لمدة ثلاثة أشهر قد يكون مثيراً للجدل، مضيفة أن هذا يؤجل موعد التقليص الكامل للميزانية العمومية إلى يوم العمال، وتمثل هذه فترة طويلة؛ إذا كان عكس الميزانية العمومية حقاً جزءاً من صندوق أدوات التعامل مع التضخم من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
من جانبها قالت “ليندسي بيغزا”، كبيرة الاقتصاديين في “ستيفل نيكولاس” (Stifel Nicolaus & Co): “علامة الاستفهام الكبيرة، هي: هل سيزيد باول دعوته من أجل إتخاذ إجراء، مما يعزز التوقعات برفع سعر الفائدة بشكل أكبر في يونيو، مضيفةً: “مع تباطؤ النمو بالفعل في الربع الأول وتزايد مخاطر الركود، سيكون من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يطرح مبرراً لمواصلة رفع أسعار الفائدة بهذه الوتيرة العنيفة، ناهيك عن تكثيف حجم الزيادات”.
بينما يقول رئيس أبحاث سياسة الفائدة العالمية في “بايبر ساندلر” (Piper Sandler & Co): “من الصعب توخي العناية في تقييم التصريحات، لاسيما عندما يركّز الناس بشدة على كل كلمة منفردة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض التقلبات. وقد يؤدي ذلك إلى قدر من التفسير الخاطئ.”
من المحتمل أيضاً أن يواجه الرئيس أسئلة حول تزايد مخاطر الركود، حيث يقدّر الإقتصاديون في “غولدمان ساكس غروب” (Goldman Sachs Group Inc) إحتمالات بنسبة 35% لحدوث ذلك، فيما توقع “دويتشه بنك” (Deutsche Bank) حدوث انخفاض حادّ.
اقرأ أيضًا: بنوك الخليج تسير علي خطي الفيدرالي الأميركي وترفع اسعار الفائدة
توقعات معظم الاقتصاديين برفع سعر الفائدة
يتوقع معظم الإقتصاديين تغييرات متواضعة نسبياً للبنك الاحتياطي الفيدرالي في رفعه لسعر الفائدة، حيث يرى “روبرت دنت”، الاقتصادي في “نومورا سيكيوريتيز” (Nomura Securities)، أنه يمكن أن تعدّل اللجنة تصريحها إذا أرادت إظهار حاجة مُلحّة أكبر فيما يتعلق بمكافحة التضخم؛ وقد يكون أحد الخيارات هو القول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي يريد رفع أسعار الفائدة “على وجه السرعة” إلى وضع محايد، وهو ليس محفزاً ولا مقيّداً.
إستخدم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً هذه الكلمة مراراً وتكراراً، إذ يرون أن المستوى المحايد هو حوالي 2.4%، حيث أشار رئيس الفيدرالي خلال المؤتمر الصحفي بعد الإجتماع إلى أن فكرة رفع الفائدة 50 نقطة أساس مجددًا يجب أن تظل على الطاولة خلال الاجتماعات المقبلة.
وأضاف “روبرت دنت” إنه على صعيد التوظيف، يمكن أن تقول اللجنة إنها تتوقع “تحسن الاختلالات في سوق العمل”، فيما يعد إعترافاً بأن المسؤولين يرون سوق العمل متضخماً بشكل مفرط.
كما يتوقع الإقتصاديون إنه من الممكن أن يكون هناك موقف مخالف يخدم زيادة بمقدار 75 نقطة أساس، بعد إعتراض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس “جيمس بولارد” في شهر مارس الماضي، على الرغم من أنه قال في تصريحاته العامة إنه لا يعتقد أن حجم الزيادة ضروري في الوقت الراهن.
لقد دعم صانعو السياسة الأكثر تأييداً لنهج التخفيف خفض سعر الفائدة “بنصف نقطة مئوي” قبل الإجتماع، وهذا ما تم تغييره خلال الإجتماع المنصرم يوم الأربعاء الماضي، حيث ظهرت القرارات المطروحة خلال الإجتماع بأن الاحتطياطى الفدرالي سيقوم برفع الفائدة بمقدار 50نقطة أساس فى الأيام المقبلة، ولكن أشار “باول”إن الاحتياطي الفيدرالي لا يدرس بشكل نشط فكرة رفع معدل الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع واحد.
اقرأ أيضًا: هل سيرفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة للمرة الثانية في إجتماعه المقبل
7 تعليقات