شركات فرنسية عملاقة تحذر من أزمة طاقة في الشتاء
حثت شركات الطاقة الكبرى في فرنسا مثل “توتال إنرجي”، و”إنجي”، و”إي دي إف”، الأفراد والشركات على الحد من إستهلاك الطاقة على الفور.
حتى يمكنهم مواجهة أزمة طاقة في فرنسا في فصل الشتاء القادم؛ تأثرًا بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وإضطراب الإمدادات، وذلك عبر رسالة نشرتها جريدة “دو ديمانش جورنال” الأسبوعية.
وأشار مسؤولو أكبر شركات الطاقه في فرنسا بمقالهم المشترك إلى أهمية بدء الإجراءات بصورة فورية خلال فصل الصيف الجاري، مؤكدين أن ترشيد إستهلاك إحتياطيات الغاز يضمن إستعداد فرنسا لشتاء قوي.
تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية
تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في إرتفاع أسعار السلع والخدمات في جميع أنحاء العالم، وإتخذت الحكومة الفرنسية إجراءات لتخفيف الآثار السلبية المتوقعة على الأسر، وفرض سقف على تكاليف الكهرباء والوقود على وجه الخصوص.
وتخشى القارّة الأوروبية بالكامل مواجهة أزمة طاقة محتملة في ظل توقعات بشتاء شديد البرودة، لا سيما أن إضطراب إمدادات الغاز الروسي التي تعتمد عليها القارّة العجوز بصورة كبيرة أثّر في معدلات التخزين خلال الصيف.
وأوضح الخطاب الذي وقعه “كاثرين ماكجريغور” من شركة “إنجي”، و”جان برنارد ليفي” من شركة “كهرباء فرنسا”، و”باتريك بويان” من شركة “توتال إنرجي”، حجم الانخفاضات الحادة في شحنات الغاز الروسي بالإضافة إلى محدودية توليد الكهرباء بسبب مشكلات الصيانة.
خطة فرنسية للحد من إستهلاك الطاقة
قالت رئيسة الوزراء الفرنسية، “إليزابيث بورن”، يوم الخميس الماضي، إن فرنسا تهدف إلى ملء منشآتها لتخزين الغاز بحلول أوائل الخريف، وتعد مواقع تخزين الغاز في البلاد ممتلئة بنسبة 59%في الوقت الحالي.
وتنوي الحكومة الفرنسية وضع خطة للحدّ من الإستهلاك خلال فصل الخريف، وذلك إستعدادًا لأزمة الطاقة المرتقبة، بجانب طرح مشروع قانون في غضون أسابيع قليلة لتطوير العمل في مجالات الطاقة المتجددة، توازيًا مع حثّ الشركات على مواصلة التخزين.
وأضافت الحكومة وقتها أنها ستبدأ التواصل مع الشركات والسلطات المحلية لبحث العمل المشترك فيما بينهم، ووضع الخطة المتفق عليها.
وبخلاف خطة الحكومة الفرنسية، أكد كل من الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجي” “باتريك بويانيه”، والمديرة التنفيذية لشركة “إنجي” “كاثرين ماك غريغور”، والرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء الفرنسية “جين برنارد ليفي”، أنّ تأثُّر أنظمة الطاقة الأوروبية بإضطراب إمدادات الغاز الروسي منذ أشهر طال نظام الطاقة في فرنسا.
وأكد مسؤولو شركات الطاقة الفرنسية الثلاث في مقالهم أن بعض الدول الأوروبية بدأت إتخاذ خطوات لترشيد الإستهلاك، والتحكم في سعة إنتاج الكهرباء.
وناشد مسؤولو الشركات الفرنسية العملاقة، في مقالهم، إلى بدء برنامج وطني فوري وضخم تعمل به الجهات كافة على كافة الأصعدة، لضمان كفاءة الطاقة، وتجنّب الهدر في إستخدامها.
وأكدت الشركات الثلاث أنها سبق أن تعاملت مع أزمة الطاقة بمسؤولية، حيث إتّبعت إجراءات قصيرة الأجل، كان من ضمنها: تنويع إمدادات الغاز، ومواصلة أعمال التخزين بالمرافق، بجانب تركيب وحدة لإسالة الغاز وتخزينه وتغويزه بميناء “لوهافر” الفرنسي.
وفي الوقت نفسه، أكدت الشركات الثلاث الفرنسية لمسؤوليها وللمستهلكين الفرنسيين، على ضرورة مواصلة الإستعداد الأمثل لأزمة طاقة مرتقبة وأوقات الذروة بالشتاء القادم، من خلال خفض الإستهلاك ورفع مستوى الإستعداد الفرنسي لمواجهة أيّ مخاطر تقنية أو أزمات جيوسياسة.
وطالبوا بزيادة معدلات الوعي، على مستوى الشركات والمستهلكين، وتغيير سلوكيات إستهلاك الكهرباء والغاز والمنتجات النفطية (عامة)؛ لتجنّب أزمة الطاقة المرتقبة بحلول فصل الشتاء القادم.
تعرف علي: توقعات المملكة المتحدة بزيادة في أسعار الطاقة في أكتوبر بنسبة 42٪.
خطوات إستباقية
ذكرت وسائل إعلام فرنسية في مارس الماضى، أن الحكومة تجري محادثات مع شركة توتال إنرجي بشأن تعزيز القدرة على استقبال الغاز الطبيعي المسال بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها مستعدة لزيادة الشحنات إلى أوروبا.
قال المسؤولون التنفيذيون في شركات الطاقة في رسالتهم إن إتخاذ إجراءات إستباقية هذا الصيف سيسمح لنا بالإستعداد بشكل أفضل في بداية الشتاء المقبل، للحفاظ على إحتياطيات الغاز لدينا، مضيفين أن الجهود المبذولة للحد من الاستهلاك يجب أن تكون “فورية وجماعية وضخمة”.
وأشاروا إلى جهودهم الخاصة للعثور على مصادر جديدة للغاز، والعمل على بناء محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال (LNG) في ميناء “لوهافر” الشمالي.
تنظيم أسعار الغاز
مددت فرنسا مؤخرا آليتها لتنظيم أسعار الغاز حتى نهاية العام، وكان من المقرر أن يستمر النظام حتى نهاية يونيو الجاري، الذي يهدف إلى الحد من آثار إرتفاع أسعار الطاقة على القوة الشرائية للمستهلكين.
وتوقع معهد المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية INSEE أن تقل القدرة الشرائية الاستهلاكية بنسبة 1% هذا العام، وهو أكبر إنخفاض لها منذ 2013.
وأدى إرتفاع أسعار الطاقة والغذاء والخدمات على وجه الخصوص إلى إرتفاع التضخم في فرنسا بالفعل إلى 5.9% في يونيو، وإذا وصل المعدل لهذا العام إلى تقديرات المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية INSEE والبالغ 5.5%، فسيكون أعلى إرتفاع سنوي منذ عام 1985.
أعلنت الحكومة الفرنسية في مارس عن خطة دعم اقتصادية لمواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية تتضمن عدد من الإجراءات التي تهدف إلى مساعدة الأسر والشركات والمزارعين والصيادين على مواجهة التداعيات الاقتصادية للأزمة.
وقدًر وزير المالية الفرنسي “برونو لومير”، التكلفة الإجمالية لإجراءات المساعدة، بأنها ستتراوح ما بين 25 مليار و26 مليار يورو (27.3-28.4 مليار دولار).
توضح التوقعات تسارع التضخم في فرنسا بوتيرة أكبر هذا العام مما يُضعف القوة الشرائية ويؤثر على النمو في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، حسبما ذكرت، الأسبوع الماضي وكالة الإحصاء الرسمية في البلاد.
وأوضحت وكالة الإحصاء الفرنسية أن من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية في فرنسا إلى 6.8% على أساس سنوي بقدوم سبتمبر وأن تظل بالقرب من هذا المستوى لبقية العام.
الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة
أعلنت وكالة الطاقة الدولية عن الاستثمارات المقرر ضخها في قطاع الطاقه والطاقة المتجددة، هذا العام بقيمة 2.4 تريليون دولار، وأقرت بأنها ستشمل إنفاقًا قياسيًا على مصادر الطاقة المتجددة، لكنها من جهة أخرى لفتت إلى أنها لا تزال غير كافية لسد الفجوة بين العرض والطلب، ومواجهة ظاهرة التغير المناخي.
قفزت أسعار طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الأسواق العالمية الرئيسية في أبريل الماضي بنحو 30% في عام، بينما يكافح المطورون مع سلاسل التوريد الفوضوية وإرتفاع تكاليف الشحن وقطع الغيار والعمالة.
تعليق واحد