تكنولوجيا
أخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي يقود التحول الاقتصادي في الخليج نحو عصر ما بعد النفط

الذكاء الاصطناعي في الخليج
كيف يصنع الذكاء الاصطناعي اقتصاد الخليج القادم؟

يشهد الخليج العربي مرحلة غير مسبوقة من التحول الاقتصادي، يقودها الذكاء الاصطناعي الذي أصبح ينظر إليه باعتباره “نفطاً جديداً” يحدد مسار النمو في العقود المقبلة.

فبعد عقود من الاعتماد على الطاقة كمصدر رئيسي للدخل، تتجه كل من السعودية والإمارات لتوظيف قدراتهما المالية الهائلة في بناء اقتصاد قائم على البيانات والخوارزميات والتقنيات الذكية.

تشير تقديرات اقتصادية حديثة إلى أن الاستثمارات المتزايدة في الذكاء الاصطناعي يمكن أن تضيف أكثر من 320 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج بحلول عام 2030، مع مساهمة رئيسية من السعودية والإمارات.

وتمتلك المنطقة صناديق سيادية ضخمة تتجاوز أصولها 5 تريليونات دولار، وهو ما يمثل قرابة 38% من الأصول السيادية العالمية، ما يمنحها القدرة على تمويل مشاريع عملاقة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

وبذلك، لا ينظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين الكفاءة الاقتصادية فحسب، بل كمحرك استراتيجي لتغيير موازين القوى الاقتصادية عالمياً، وإعادة تعريف مفهوم الريادة في الخليج بعيداً عن النفط والغاز.

الذكاء الاصطناعي في الخليج

الإمارات.. من مركز تجاري إلى محور عالمي للذكاء الاصطناعي

تسعى الإمارات العربية المتحدة لأن تصبح الوجهة العالمية الأولى في تجارة وتطوير وتصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

فقد وضعت الدولة استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى جعل الذكاء الاصطناعي جزءاً من جميع القطاعات الاقتصادية، بدءاً من الخدمات الحكومية ووصولاً إلى الصناعات التكنولوجية والتمويل والطاقة.

ضخت الإمارات استثمارات تتجاوز 60 مليار دولار لتأسيس منظومة متكاملة تشمل مشاريع ضخمة مثل “Stargate” و”MGX Supercomputing” و”منصة G42“، التي تمثل بنية تحتية رقمية عملاقة تمكّن الدولة من قيادة ثورة الذكاء الاصطناعي إقليمياً وعالمياً.

وتركز الإمارات على التحول من دولة مستوردة للتقنية إلى مصدر للذكاء، عبر بناء منظومة تصدّر المعرفة والخدمات الذكية للعالم.

ويتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي نحو 96 مليار دولار للاقتصاد الإماراتي بحلول 2030، أي ما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما تستثمر الدولة في تطوير الكفاءات البشرية عبر مبادرات مثل “مليون مبرمج عربي” و”جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي“، التي تعد أول جامعة من نوعها في المنطقة، لتخريج جيل من الخبراء القادرين على قيادة المستقبل الرقمي.

هذا التوجه يجعل من الإمارات العمود الفقري لتطور الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، ويؤهلها لتكون بوابة تصدير التكنولوجيا المتقدمة بين الشرق والغرب، ما يعزز مكانتها كمركز عالمي للذكاء والابتكار.

السعودية.. الاقتصاد الذكي في قلب رؤية 2030

من جانبها، تمضي المملكة العربية السعودية بخطى متسارعة نحو التحول الرقمي الكامل ضمن أهداف رؤية 2030.

فالذكاء الاصطناعي أصبح محوراً أساسياً في خططها لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

استثمرت المملكة نحو 37.5 مليار دولار في تطوير البنية التحتية والمشاريع المتقدمة للذكاء الاصطناعي، أبرزها مشروع “HUMAIN“، الذي يسعى إلى بناء منظومة معرفية مستقلة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي اللغوية لخدمة أكثر من 400 مليون ناطق بالعربية.

وتسعى السعودية إلى تحقيق الريادة الإقليمية في تطوير نماذج لغوية محلية، مما يجعلها قادرة على منافسة كبرى شركات التقنية العالمية.

وتشير التقديرات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيسهم بإضافة 135 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، أي نحو 12.4% من حجم الاقتصاد الوطني، وهي نسبة تتجاوز المتوسط العالمي بكثير.

ومن خلال مبادرات مثل “الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ومشروع “نيوم” القائم على أنظمة ذكية متكاملة، تضع السعودية نفسها في قلب الثورة الصناعية الرابعة، وتؤسس لاقتصاد جديد قائم على المعرفة والابتكار والبيانات.

إكتشف: منصة “Oncount” الإماراتية تجمع 1.5 مليون دولار لدعم المحاسبة بالذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي في الخليج.. من الطاقة إلى التقنية

لم يعد التوجه الخليجي نحو الذكاء الاصطناعي مجرد خيار تنموي، بل أصبح مساراً استراتيجياً لإعادة تشكيل موازين القوى العالمية.

فدول الخليج تتبنى نموذجاً يقوم على “الحياد التكنولوجي” والتموضع كجسر بين الشرق والغرب، معتمدة على استقرارها السياسي وقدرتها المالية الهائلة.

ومع هذا التوجه، يتوقع أن تخلق استثمارات الذكاء الاصطناعي أكثر من 460 ألف وظيفة جديدة في المنطقة بحلول 2030، في مجالات تحليل البيانات، وتطوير البرمجيات، والأمن السيبراني، والتصميم التقني.

إن ما يحدث في الخليج اليوم لا يمثل مجرد تحول اقتصادي، بل بداية عصر جديد تتصدر فيه المنطقة المشهد العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتحول من مصدر للطاقة إلى مصدر للعقول والبيانات.

وفي الختام الذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية أو خياراً مستقبلياً، بل أصبح واقعاً يعيد تشكيل اقتصادات العالم.

وفي الخليج، يتحول هذا الواقع إلى فرصة تاريخية لبناء نموذج جديد من التنمية المستدامة، قائم على المعرفة والابتكار والقيادة التقنية.

فبينما كان النفط يوماً ما هو الثروة التي منحت الخليج مكانته العالمية، فإن الذكاء الاصطناعي هو النفط الجديد الذي سيحافظ على هذه المكانة في عالم رقمي سريع التغير.

إقرأ المزيد: “سورا” من أوبن إيه آي.. شراكة مبتكرة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى