شركة انفيديا تعيد أمريكا لصدارة الذكاء الصناعي بإطلاق أول رقاقة Blackwell مع TSMC

أعلنت شركة انفيديا “Nvidia” عن إنتاج أول رقاقة من جيل بلاكويل “Blackwell“داخل الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع شركة تي إس إم سي “TSMC” التايوانية، وذلك في منشأتها المتطورة بمدينة فينيكس بولاية أريزونا.
الحدث مثّل نقلة استراتيجية لعملاق التكنولوجيا الأميركي، الذي يهدف إلى ترسيخ مكانته في قلب الثورة الصناعية الرابعة وتوطين صناعة أشباه الموصلات داخل الأراضي الأميركية، بعد عقود من الاعتماد شبه الكامل على المصانع الآسيوية.
وحضر الرئيس التنفيذي لشركة انفيديا، جنسن هوانغ، حفل إطلاق الإنتاج الجديد، مؤكداً أن هذه الخطوة ليست مجرد إنجاز صناعي، بل بداية لحقبة جديدة من التصنيع الذكي في الولايات المتحدة، في ظل السباق العالمي المحموم على التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي.
رقائق Blackwell من انفيديا
يمثل هذا المشروع علامة فارقة في استراتيجية شركة انفيديا لتقوية سلسلة التوريد الأميركية لأشباه الموصلات.
فبعد سنوات من تصميم الرقائق في وادي السيليكون وإرسالها للتصنيع في آسيا، أصبحت اليوم تنتج داخل الأراضي الأميركية باستخدام أحدث تقنيات التصنيع في العالم.
وتعد رقاقة Blackwell الجيل الأحدث من معالجات الذكاء الاصطناعي التي تطورها انفيديا، وتتميز بأداء فائق وكفاءة طاقة عالية، مما يجعلها الخيار الأول لمراكز البيانات العملاقة وشركات الحوسبة السحابية.
سيتم تصنيع هذه الرقائق باستخدام تقنيات متقدمة تشمل عمليات 2 و3 و4 نانومتر، إضافة إلى رقائق A16 التي تستخدم في أنظمة الحوسبة عالية الأداء والاتصالات الحديثة.
ويتوقع أن تُسهم هذه الخطوة في دعم قطاع الذكاء الاصطناعي الأميركي وتعزيز استقلاله الصناعي، خاصة مع تصاعد المنافسة العالمية وارتفاع الطلب على وحدات المعالجة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق.
رؤية شركة انفيديا للتصنيع المحلي
لا يقتصر إعلان انفيديا على إنتاج رقاقة جديدة فحسب، بل يعكس تحولاً نحو بناء منظومة تصنيع متكاملة داخل الولايات المتحدة.
تسعى الشركة من خلال هذا المشروع إلى تحقيق هدفين رئيسيين:
- الأول: تقليل الاعتماد على المصانع الخارجية في آسيا وضمان استقرار الإمدادات في ظل الأزمات الجيوسياسية والتجارية.
- الثاني: دعم مبادرة “إعادة التصنيع الأميركي” التي تسعى الحكومة من خلالها لإحياء الصناعات التكنولوجية الحيوية داخل البلاد.
هذا التوجه لا يخدم فقط شركة انفيديا، بل يعد جزءاً من سياسة صناعية أوسع تهدف إلى جعل أميركا مركزاً رئيسياً لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
فمن خلال التعاون مع شركة TSMC، تعزز انفيديا قدرات سلسلة التوريد المحلية، وتضمن توفر المكونات الحساسة بسرعة وكفاءة، مما يتيح تسريع عمليات تطوير منتجاتها المستقبلية.
ومع ذلك، يظل الطريق طويلاً أمام الولايات المتحدة لتحقيق اكتفاء ذاتي في صناعة الرقائق، إذ تواجه تحديات تتعلق بتكاليف الإنتاج، ونقص العمالة المتخصصة، وصعوبة منافسة الأسعار الآسيوية.
لكن وجود شركات بحجم انفيديا على رأس هذا التحول يجعل المهمة ممكنة على المدى المتوسط.
إطلع علي: انفيديا وAMD تمنحان واشنطن 15% من عائدات مبيعات الرقائق المتقدمة إلى الصين
شركة انفيديا.. الذكاء الاصطناعي يقود التصنيع
إلى جانب تصنيع Blackwell في أميركا، أعلنت شركة انفيديا عن خطة طموحة لتطبيق الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وتقنيات “التوأم الرقمي” في منشآتها المستقبلية.
تهدف هذه الاستراتيجية إلى جعل عملية الإنتاج أكثر ذكاء واستدامة، عبر أنظمة تحليل لحظي للبيانات، وروبوتات قادرة على إدارة خطوط الإنتاج ذاتياً، وتقنيات محاكاة رقمية تعيد إنشاء المصنع في بيئة افتراضية لاختبار وتحسين الأداء قبل التنفيذ الفعلي.
وترى انفيديا أن هذه التقنيات ستمكّنها من تقليل الأخطاء البشرية، وتسريع وتيرة الإنتاج، وخفض التكاليف التشغيلية، إضافة إلى رفع جودة المنتجات النهائية.
كما تخطط الشركة لتوسيع استثماراتها في البنية التحتية الأميركية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بتقديرات تصل إلى نصف تريليون دولار خلال السنوات المقبلة، تشمل تطوير مصانع جديدة ومراكز بيانات فائقة القدرات.
هذا التوسع يجسد رؤية الرئيس التنفيذي جِنسن هوانغ لجعل أميركا “عاصمة الذكاء الاصطناعي العالمي”، وهو هدف يتماشى مع سياسات الحكومة الأميركية الهادفة لاستعادة الريادة الصناعية والتكنولوجية في مواجهة الصين ودول آسيا المتقدمة.
من الناحية الاقتصادية، تمثل هذه الخطوة رهاناً على قدرة أميركا على استعادة هيمنتها في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
فإنفيديا اليوم ليست مجرد شركة تصميم رقائق؛ بل هي القلب النابض لبنية الذكاء الاصطناعي العالمية.
وتوسيع عملياتها داخل الولايات المتحدة يعد تحولاً ينعكس على أسواق التكنولوجيا، وأسعار الأسهم، وسلوك المستثمرين العالميين.
كما يفتح هذا التحول الباب أمام جيل جديد من الشركات الأميركية الناشئة التي ستستفيد من قرب سلسلة التوريد، وانخفاض تكاليف النقل، وسهولة التعاون مع عملاق مثل انفيديا.
وتشير التوقعات إلى أن السوق العالمي للرقائق سيشهد نمواً سنوياً يفوق 12% خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعاً بالطلب الهائل على الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية.
وفي الختام إطلاق شركة انفيديا لأول رقاقة Blackwell من منشآت TSMC في أريزونا يمثل لحظة فاصلة في مسيرة التكنولوجيا الأميركية.
فهو ليس مجرد إنجاز هندسي، بل خطوة استراتيجية لإعادة بناء القدرات الصناعية في مجال يعد العمود الفقري للذكاء الاصطناعي.
ومع توسع الشركة في تبني تقنيات التصنيع الذكي والتوأم الرقمي، يبدو أن انفيديا تمضي بخطى واثقة نحو مستقبلٍ تصبح فيه الرائدة في صناعة العقول الإلكترونية التي تدير اقتصاد الغد.
إقرأ أيضا: ديب سيك تعود لاستخدام انفيديا بعد فشل رقائق هواوي في تدريب نموذجها الجديد






