
تشهد شركة نستلة (nestle)، عملاق صناعة الأغذية السويسري، واحدة من أكثر الفترات توتراً في تاريخها الحديث، بعدما أطاحت بإدارتها التنفيذية للمرة الثانية خلال عام واحد.
فقد قررت الشركة إنهاء مهام الرئيس التنفيذي لوران فريكس على خلفية علاقة شخصية غير معلنة مع إحدى الموظفات، وهو ما اعتبرته الإدارة خرقاً واضحاً لمدونة قواعد السلوك.
هذا القرار المفاجئ جاء ليزيد من قلق المستثمرين الذين يعانون بالفعل من ضغوط مستمرة نتيجة تراجع أسهم الشركة في السوق.
أسباب الإطاحة بفريكس
كشفت شركة نستلة أن قرار عزل فريكس لم يكن وليد اللحظة، بل جاء بعد تحقيق داخلي أكد مخالفته لقواعد النزاهة التي تلتزم بها الشركة.
ومن اللافت أن هذه الخطوة تأتي بعد عام واحد فقط من رحيل سيلفا مارك شنايدر بشكل غير متوقع، إضافة إلى إعلان بول بولك، رئيس مجلس الإدارة المخضرم، عن عزمه ترك منصبه عام 2026.
كل هذه التغيرات المتلاحقة وضعت الشركة في مسار مليء بالتقلبات، ما جعل المستثمرين يتخوفون من حالة عدم الاستقرار القيادي وتأثيرها على مسيرة المجموعة.
أداء سهم شركة نستلة تحت المجهر
خلال السنوات الخمس الماضية فقد سهم شركة نستلة قرابة ثلث قيمته، متراجعاً عن منافسيه في أوروبا.
بل إن فترة إدارة فريكس لم تكن أفضل حالاً، إذ هبط السهم بنسبة 17% إضافية، وهو ما خيب آمال المستثمرين الذين كانوا يترقبون تحولاً استراتيجياً يعيد للشركة قوتها.
وفي محاولة لتدارك الموقف، أعلنت الإدارة في يوليو الماضي مراجعة شاملة لأنشطة الفيتامينات والمكملات الغذائية، مع احتمالية التخلي عن بعض العلامات التجارية غير المربحة.
ويرى خبراء الاستثمار أن السوق لم يمنح فريكس الثقة الكاملة، خاصة مع تأجيل تنفيذ خطة إعادة الهيكلة.
وقد أكد موريزيو بورفيري، مدير الاستثمار في “Mavericks”، أن الوقت قد حان لانطلاقة جديدة تحقق الاستقرار المطلوب للشركة العالمية.
إطلع علي: شركة المراعي السعودية تستحوذ على المشروبات النقية للصناعة
مستقبل الشركة بقيادة نافراتيل
تعيين فيليب نافراتيل رئيساً تنفيذياً جديداً قد يفتح الباب أمام مرحلة مختلفة، لكن المحللين يرون أن مهمته لن تكون سهلة.
فوفقاً لتقارير “جي بي مورغان”، فإن نافراتيل يبدو وكأنه مقيد بالاستراتيجية السابقة لفريكس، في وقت يحتاج فيه المستثمرون إلى رؤية واضحة وخطة تحول مقنعة.
الصحف السويسرية بدورها تحدثت عن فقدان نستلة لميزة الاستقرار التاريخي التي تميزت بها لسنوات، ما يزيد من الضبابية حول مستقبلها.
المحلل جون كوكس من “Kepler Cheuvreux” أشار إلى أن تكرار تغيير القيادة بهذا الشكل قد يترك أثراً سلبياً على ثقة المستثمرين، مؤكداً أن على الشركة أن تعود سريعاً إلى نهج أكثر انضباطاً يعيد الطمأنينة إلى الأسواق.
قراءة تحليلية لمستقبل “nestle” وسهمها علي المدى القريب
رغم الضغوط التي تمر بها نستلة اليوم، فإن مستقبلها لن يحسم فقط بتغيير القيادة التنفيذية، بل بما ستقدمه من خطوات عملية لإعادة الثقة للمستثمرين.
فغياب الاستقرار الإداري ينعكس مباشرة على أداء السهم، ويزيد من حدة التذبذب في الأسواق العالمية.
ومن المرجح أن يستمر هذا الضغط على المدى القريب، خاصة إذا لم يطرح الرئيس الجديد، فيليب نافراتيل، رؤية استراتيجية واضحة تتجاوز سلبيات المرحلة السابقة.
غير أن قوة العلامة التجارية لـ nestle وانتشارها العالمي يظلان عنصرين أساسيين يمنحانها القدرة على استعادة التوازن متى ما توفرت قيادة مستقرة وخطة إصلاح واقعية.
لذلك، فإن نجاح نافراتيل في وضع خارطة طريق دقيقة وشفافة سيكون العامل الحاسم في تحديد مسار السهم خلال الفترة المقبلة، إما بالتحول نحو التعافي، أو بمزيد من التراجع إذا استمرت حالة الغموض.
وفي النهاية، تكشف أزمة nestle الأخيرة أن قوة العلامة التجارية وحدها لا تكفي لضمان استقرارها أو حماية مكانتها في السوق العالمي.
فالمستثمرون اليوم يبحثون عن وضوح استراتيجي، وقيادة مستقرة، ونزاهة إدارية تعزز ثقتهم على المدى الطويل.
وبينما يترقب العالم خطوات الرئيس التنفيذي الجديد فيليب نافراتيل، يبقى مستقبل نستلة معلقاً على قدرتها على استعادة الانضباط الداخلي وإطلاق خطة تحول مقنعة تعيد للأسهم بريقها وللمستثمرين ثقتهم.
هذه المرحلة قد تكون اختباراً فاصلاً، إما لتجديد قوة الشركة العالمية أو لمزيد من التراجع إذا استمر الغموض والاضطراب.
إقرأ المزيد: الطلب على منتجات التغذية يرفع مبيعات مجموعة دانون






