دومينوز بيتزا Domino’s Pizza.. هل تغيّر سلوك المستهلك هو السبب وراء خسائرها خلال 20 عاماً؟

شهدت شركة دومينوز بيتزا domino’s pizza العالمية واحدة من أصعب محطاتها منذ إدراج أسهمها قبل عشرين عاماً، حيث أعلنت عن أول خسارة سنوية في تاريخها الحديث، ما شكل صدمة كبيرة للمستثمرين والمتابعين لقطاع المطاعم السريعة.
وتأتي هذه الخسارة في وقت يشهد فيه السوق العالمي للمأكولات الجاهزة تحولات جوهرية بسبب تغير سلوك المستهلكين، وضغوط التكلفة، والمنافسة الشرسة بين العلامات التجارية الكبرى.
هبوط تاريخي لأسهم شركة دومينوز بيتزا
أعلنت شركة دومينوز بيتزا، التي تعد أكبر مشغّل لامتياز العلامة التجارية الأميركية خارج الولايات المتحدة، عن خسارة سنوية بلغت 3.7 مليون دولار أسترالي (ما يعادل 2.4 مليون دولار أميركي)، مقارنة بأرباح تجاوزت 96 مليون دولار أسترالي في العام السابق.
وجاءت هذه النتائج دون توقعات المحللين الذين رجحوا أن تحقق الشركة أرباحاً تصل إلى 14.5 مليون دولار أسترالي.
هذا الأداء الضعيف انعكس فوراً على حركة الأسهم، حيث هبط سهم دومينوز بيتزا بنسبة 21% ليصل إلى 15.28 دولار أسترالي، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو، لتصبح الشركة الأسوأ أداءً على مؤشر ASX 200.
ويُعد هذا التراجع الأكبر منذ شهرين، مما أثار تساؤلات المستثمرين حول قدرة الشركة على استعادة نموها السابق في ظل التحديات الحالية.
ضغوط التشغيل وتحديات المنافسة العالمية
رغم أن دومينوز بيتزا كانت من أبرز المستفيدين خلال جائحة كورونا عام 2021، حين شهدت خدمات التوصيل طلباً غير مسبوق، فإنها اليوم تواجه بيئة سوقية مغايرة تماماً.
فقد ارتفعت تكاليف التشغيل بشكل كبير، سواء من ناحية المواد الخام أو العمالة أو تكاليف الطاقة، إلى جانب المنافسة الشديدة مع المنصات الرقمية لتوصيل الطعام مثل “أوبر إيتس” و”دليفرو”.
وزاد المشهد تعقيداً دخول منافسين جدد إلى الأسواق التي تنشط فيها دومينوز بيتزا، وعلى رأسهم سلسلة “غوزمان إي غوميز” المتخصصة في المأكولات المكسيكية السريعة، والتي بدأت تجذب شريحة من العملاء الباحثين عن تنوع أكبر وجودة أعلى.
كما أن التوسع الخارجي الذي كان أحد ركائز استراتيجية دومينوز بيتزا في العقد الماضي تحول إلى عبء مالي، خصوصاً في الأسواق الآسيوية والأوروبية.
فقد اضطرت الشركة هذا العام إلى إغلاق نحو 233 فرعاً في اليابان بعد تسجيلها خسائر متكررة، بينما عانت السوق الفرنسية من الإغلاقات والخسائر التي قلصت من عوائد المجموعة بشكل إضافي.
إطلع علي: دومينوز بيتزا تسجل نموًا في المبيعات والأرباح خلال الربع الثاني
تراجع المبيعات المستقبلية وتحديات استراتيجية
لا تقتصر أزمة دومينوز بيتزا على نتائجها المالية الماضية فحسب، بل تمتد أيضاً إلى مؤشرات المستقبل.
فقد أعلنت الشركة أن المبيعات المماثلة تراجعت بنسبة 0.9% في الأسابيع السبعة الأولى من العام المالي الجديد، بينما كانت التوقعات تشير إلى نمو يبلغ 3.1% خلال النصف الأول من 2025.
هذا التراجع يعكس تحدياً مضاعفاً أمام الإدارة التنفيذية للشركة، خاصة مع استمرار تغير عادات المستهلكين الذين أصبحوا أكثر ميلاً نحو الخيارات الصحية والمتنوعة، مقارنة بالوجبات التقليدية السريعة.
وفي محاولة للحفاظ على ثقة المساهمين، قررت الشركة صرف توزيعات أرباح نهائية بقيمة 21.5 سنت أسترالي للسهم، وهو ما اعتبره بعض المحللين محاولة لتهدئة قلق المستثمرين وسط هذه الظروف الصعبة.
دومينوز بيتزا domino’s pizza بين التحول والابتكار
على الرغم من الصورة القاتمة التي عكستها نتائج العام المالي الأخير، يرى خبراء قطاع المطاعم السريعة أن دومينوز بيتزا لا تزال تملك مقومات قوية للعودة إلى مسار النمو إذا تمكنت من إعادة هيكلة استراتيجيتها.
فالعلامة التجارية تتمتع بانتشار عالمي واسع يزيد عن 20 ألف فرع في أكثر من 90 دولة، ما يمنحها قاعدة قوية لإعادة الانطلاق.
إحدى النقاط الجوهرية التي قد تحدد مستقبل دومينوز بيتزا تتمثل في مدى قدرتها على التكيف مع التغيرات في تفضيلات المستهلكين.
فالإقبال المتزايد على الأطعمة الصحية والمستدامة يفرض على الشركة توسيع قائمتها لتشمل خيارات نباتية أو منخفضة السعرات الحرارية، وهو ما بدأت بعض الأسواق بالفعل بتجربته.
كذلك، فإن الاستثمار في التكنولوجيا يعد عاملاً أساسياً لاستعادة القدرة التنافسية.
إذ يمكن للشركة توسيع نطاق الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إدارة الطلبات وتوقعات المخزون، فضلاً عن تعزيز تجربة العملاء عبر التطبيقات الذكية والعروض الرقمية المخصصة.
أما من الناحية التشغيلية، فالتوجه نحو تحسين الكفاءة وتقليل عدد الفروع غير المربحة قد يمنح الشركة مرونة مالية أكبر لمواجهة التقلبات الاقتصادية.
وهذا ما يفسر قرارات الإغلاق الأخيرة في اليابان وفرنسا، التي وإن بدت قاسية على المدى القصير، إلا أنها قد تساهم في تخفيف الأعباء المالية مستقبلاً.
إطلع علي: مطاعم ماكدونالدز: كيف صنع راي كروك قصة نجاح تحولت إلى إمبراطورية عالمية؟
التحدي والفرصة
رغم أن إعلان الخسارة السنوية الأولى منذ عقدين يمثل لحظة صعبة في تاريخ دومينوز بيتزا، فإن الأمر لا يعني نهاية القصة.
بل يمكن النظر إليه كجرس إنذار يدفع الشركة إلى إعادة صياغة استراتيجياتها بما يتوافق مع تحولات السوق العالمية.
فإذا تمكنت من مواكبة التغيرات في تفضيلات المستهلكين والاستثمار في التكنولوجيا وتحسين كفاءتها التشغيلية، فإنها قد تستعيد مكانتها كواحدة من أبرز العلامات التجارية في قطاع المأكولات السريعة عالمياً.
وبينما يترقب المستثمرون خطوات الإدارة خلال العامين المقبلين، يبقى التحدي الأساسي هو كيفية الموازنة بين الحفاظ على هوية دومينوز بيتزا التقليدية وتقديم ابتكارات قادرة على جذب جيل جديد من المستهلكين الباحثين عن تجربة طعام مختلفة وأكثر تميزاً.
إقرأ المزيد: ارتفاع أرباح “أمريكانا للمطاعم” بنسبة 15.6% خلال النصف الأول من عام 2025






