اقتصاد
أخر الأخبار

306.3 مليار درهم ناتج اقتصاد أبوظبي في 2025.. القطاع غير النفطي يقود النمو

أبوظبي
306.3 مليار درهم ناتج اقتصاد أبوظبي في 2025

سجلت إمارة أبوظبي نمواً ملحوظاً في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من عام 2025، حيث بلغ الناتج الحقيقي 306.3 مليار درهم، مسجلاً زيادة قدرها 3.8 ٪ مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2024.

هذه الأرقام التي أعلنها مركز الإحصاء في الإمارة تُعدّ إشارة قوية لا يمكن تجاهلها على خارطة الأداء الاقتصادي في منطقة الخليج، لاسيما أن النمو جاء مدعوماً بشكل رئيس من القطاع غير النفطي، الذي أظهر نمواً متسارعاً برصيد 6.6 ٪، ليستحوذ على أكثر من نصف الناتج الإجمالي للإمارة بنسبة تبلغ نحو 56.8 ٪.

فيما يلي قراءة مفصلة لأهم ملامح هذا النمو، مع التركيز على الأبعاد القطاعية، والمبادرات التنموية، والتحديات التي تواجه استمرار الزخم الاقتصادي في أبوظبي.

إطلاق قوة القطاع غير النفطي في أبوظبي

يعد ارتفاع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي لإمارة أبوظبي علامة بارزة على تحول هيكلي جريء نحو اعتماد متوازن على مصادر دخل متعددة.

في الربع الثاني من 2025، قفز الناتج غير النفطي إلى 174.1 مليار درهم، بصعود بلغت نسبته 6.6 ٪ على أساس سنوي، ليشكل 56.8 ٪ من إجمالي الناتج، لأول مرة يتجاوز فيها هذا القطاع حاجز النصف.

خلال النصف الأول من العام، استمر هذا الاتجاه التصاعدي، حيث بلغ الناتج الكلي 597.4 مليار درهم، مسجلاً نمواً بمعدل 3.63 ٪، في حين نمت القيمة المضافة للقطاع غير النفطي إلى 337.6 مليار درهم بزيادة 6.37 ٪.

هذا الزخم يأتي في ظل توجه الإمارة لتعميق التنويع الاقتصادي، عبر سياسات داعمة للاستثمار في القطاعات غير التقليدية، وتحفيز المشاركة الفعلية للقطاع الخاص في المشاريع الكبرى.

ويعد أيضاً مؤشراً على قدرة الاقتصاد المحلي في أبوظبي على امتصاص الصدمات الخارجية والتقلبات في أسعار النفط.

ملامح القطاعات الحضرية في أبوظبي

قوة النمو في أبوظبي لم تترك مجالاً واحداً دون أن يشارك في هذا الزخم المتوازن.

فالصناعات التحويلية تصدّرت الأداء غير النفطي، مسجلة قيمة مضافة ربع سنوية بلغت 30.1 مليار درهم، أي نحو 9.8 ٪ من الناتج، وهو أعلى مستوى تشهده هذه الصناعة في تاريخ الإمارة حتى الآن.

هذه القفزة تؤكد أن استراتيجية أبوظبي الصناعية تجد أرضاً خصبة للتطبيق والتوسع.

في مجال التشييد والبناء، نما القطاع بنسبة 9.7 ٪ ليصل إلى 30 مليار درهم، مدعوماً بمشروعات ضخمة في البنية التحتية والإسكان، إلى جانب استخدام تقنيات ذكية لإدارة المشاريع.

قطاع المالية والتأمين حجز أيضاً موقعاً لافتاً، إذ ارتفع بنسبة 10.3 ٪ إلى 21.8 مليار درهم، في ظل تدفق استثمارات أجنبية وثقة واضحة في البيئة المالية للإمارة.

إطلع علي: بنك أبوظبي التجاري يحقق أرباحًا قياسية في الربع الثاني بنمو 17%

مشروعات كبرى تقود طفرة البنية التحتية

أما القطاع العقاري فشهد نمواً بـ 10.2 ٪ ليبلغ 11.7 مليار درهم، مدفوعاً بالطلب المحلي والخارجي على العقار السكني والتجاري في أبوظبي.

قطاع المعلومات والاتصالات حقق رقماً غير مسبوق، حيث سجل 8.6 مليار درهم بزيادة تبلغ 6 ٪، مما يدل على أن التحول الرقمي ليس مجرد شعار، بل حقيقة واقعية في الإمارة.

على صعيد آخر، حققت التجارة بالجملة والتجزئة نموّاً بنسبة 1.6 ٪ لتصل إلى 16 مليار درهم، مدفوعة بارتفاع إنفاق المستهلكين وتزايد حركة الزوار.

أما الخدمات المهنية والعلمية والتقنية فارتفعت 10 ٪ إلى 9 مليارات درهم، في حين نما قطاع النقل والتخزين بنسبة 7.5 ٪ إلى 7.5 مليار درهم.

قطاع الكهرباء والغاز والمياه سجل أعلى معدل نمو بين القطاعات بنسبة 12.5 ٪، فيما حقق قطاع الفنون والترفيه زيادة نسبتها 12 ٪.

كما برزت مؤشرات التجارة الخارجية غير النفطية كعامل دعم قوي للنمو: فخلال النصف الأول من عام 2025، ارتفعت قيمة التجارة غير النفطية بين أبوظبي والعالم بنسبة 34.7 ٪ لتصل إلى 195.4 مليار درهم، مدفوعة بقفزة في الصادرات بلغت 64 ٪ ومكاسب في الواردات وإعادة التصدير.

هذا النمو يعكس فعالية المنظومة اللوجستية والمرافق الجمركية المتطورة في الإمارة.

مثل هذه الصورة القطاعية تعكس أن أبوظبي على أعتاب مرحلة جديدة من التوازن: ليس اقتصاداً نفطياً تقليدياً، بل إمارة ذات أكتاف قوية في الصناعة والتكنولوجيا والخدمات المتقدمة.

إكتشف: اقتصاد دول الخليج يسجل 2.14 تريليون دولار والأنشطة غير النفطية تقود النمو

الاستراتيجيات الحكومية في أبوظبي نحو اقتصاد مستدام ما بعد النفط

إن الأرقام المتقدمة لوحدها لا تكفي، بل يتطلب تحويل هذا الزخم إلى استدامة استراتيجية.

في هذا السياق، تلعب المبادرات الحكومية في أبوظبي دوراً محورياً في دعم هذا المسار.

الإمارة وضعت هدفاً طموحاً بأن تصبح بحلول عام 2027 أول حكومة تعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل شامل، من خلال استراتيجية رقمية قدرت استثماراتها بـ 13 مليار درهم.

كما تتوسع مشروعات البنى التحتية الصناعية، من خلال إنشاء مراكز صناعية متقدمة مثل Metal Park ضمن منطقة الصناعات والخدمات في أبوظبي، والتركيز على أنماط التصنيع الذكي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء (IoT)، مما يعكس تحولاً من التصنيع التقليدي إلى التصنيع المعزز بالتكنولوجيا.

من جهة أخرى، توسّع سلطات الإمارة في تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي في القطاعات غير النفطية من خلال تسهيلات تشريعية وتحفيزات ضريبية.

فقد ارتفع عدد المؤسسات المسجلة في السوق المالي الحر (ADGM) بنسبة ملحوظة، كما زادت الأصول المدارة في هذا المركز، مما يعزز مكانة أبوظبي كمحور مالي جذاب على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وإلى جانب ذلك، تم تحسين منظومة الإعفاءات والتراخيص وتشجيع ريادة الأعمال في المجالات الرقمية، مما يخلق جسراً بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، ويحفز الشركات الناشئة على أن تكون جزءاً من هذه الرحلة التنموية.

لكن الطريق لا يخلو من تحديات.

فلابد من ضمان أن النمو يقترن ببناء القدرات البشرية المحلية، وتحسين جودة التعليم والتدريب المهني، وضمان استدامة البنية التحتية الرقمية، وترسيخ سياسات بيئية واقتصادية تُراعي الأبعاد المستقبلية.

ختاماً

إن نمو الناتج المحلي لإمارة أبوظبي في الربع الثاني من 2025، مدفوعاً بقفزة في القطاع غير النفطي، ليس مجرد إنجاز رقمي، بل هو إعلان عن هوية اقتصادية جديدة.

الإمارة باتت تترجم خطط التنويع إلى واقع ملموس، من خلال الاستثمار في الصناعة والتكنولوجيا والخدمات المالية والعقارات والبنية التحتية.

وبينما تواصل أبوظبي دفع عجلة التحول الاقتصادي، يظل التحدي الأكبر في كيفية تحويل هذا الزخم إلى استدامة على المدى الطويل، عبر تمكين القوى العاملة، وتعزيز البيئة الابتكارية، وضمان تنافسية الإمارة في الساحة العالمية.

إذا نجحت في هذا المسعى، فستصبح أبوظبي نموذجاً يُحتذى به في خليج يتجه نحو اقتصاد معرفي أقل اعتماداً على النفط.

إقرأ المزيد: جهاز ابوظبي للاستثمار يعزز حضوره بضخ 1.5 مليار دولار في “جي إل بي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى